تحت عنوان: "دول الخليج تستفيد من ارتفاع أسعار النفط"، قالت صحيفة لوموند الفرنسية إنه مع الحرب في أوكرانيا، التي تسببت في ارتفاع أسعار الذهب الأسود، ازاد ثراء الدول الخليجية إلى حد كبير، غير أن اعتماد هذه الدول القوي على الهيدروكربونات قد ينقلب عليها.
وأضافت لوموند القول إن الحرب في أوكرانيا أثرت بشكل كبير دول الخليج، وأدى ارتفاع أسعار النفط بنحو 20 في المئة منذ بدء الصراع في 24 فبراير إلى زيادة دخلها، وكذلك وصول الأوليغارشية الروسية إلى دبي التي تريد حماية ثرواتها من العقوبات الدولية.
كما أن منطقة الخليج هي الوحيدة في العالم التي شهدت مراجعة توقعات النمو الخاصة بها صعودًا من قبل صندوق النقد الدولي، بين أكتوبر 2021 وأبريل 2022. ومن المتوقع أن يصل هذا إلى 6.4 في المئة في عام 2022، مقابل 2.7 في المئة عام 2021.
في الربع الأول من عام 2022، سجل الاقتصاد السعودي نموًا بنسبة 9.6٪، لم يسمع به أحد منذ عشر سنوات. علامة على التحسن في القطاع النفطي، أصبحت رسملة شركة النفط أرامكو، التي سجلت صافي ربح 39.5 مليار دولار في الربع الأول من عام 2022 وحده، الأعلى في العالم، مرت مرة أخرى أمام الأمريكية، شركة آبل العملاقة.
عدم الاستقرار السياسي
لكن لوموند أوضحت أن الدول الخليجية تدرك جيداً الخطر الذي يمثله الاعتماد على النفط، إذ يمكن أن تتحول هذه الطفرة النفطية الجديدة بسرعة إلى نقمة، عندما تنفد الاحتياطيات، أو ينخفض الاستهلاك العالمي أو تنخفض الأسعار. بعبارة أخرى “ارتفاع الأسعار لا يُفيد منتجي النفط على المدى الطويل، لأنها تقضي على الطلب بتشجيع المستهلكين على التحول إلى الطاقات المتجددة أو خيارات أخرى”.
فالمنطقة تُعاني من ذاكرة سيئة للانخفاضات في أسعار الذهب الأسود في بداية جائحة كوفيد-19، في عام 2020، عندما توقف النشاط العالمي واكتشفت دول الخليج التقشف. فرضت عُمان ضريبة القيمة المضافة لأول مرة، وضاعفته المملكة العربية السعودية ثلاث مرات في بداية عام 2020 مع خفض إنفاقها الاجتماعي.
وبعد بضع سنوات من العجز يفترض أن تعود المنطقة بأكملها تقريبًا إلى الميزانيات المتوازنة في عام 2022، أو حتى الفائض. وهو وضع لم تعرفه الكويت منذ تسع سنوات. والبحرين، أكثر دول المنطقة مديونية، والتي اضطرت إلى التوقف عن تمويل صندوقها السيادي للتعامل مع الأزمة وحتى سحب 450 مليون دولار منه، يمكن أن تموله مرة أخرى.
وتتابع لوموند القول إن اقتصادات الخليج بعيدة كل البعد عن الانفصال عن الذهب الأسود. في الكويت، التي هي في حكومتها الخامسة في غضون عامين، يعقد عدم الاستقرار السياسي أي خطة للإصلاح الاقتصادي.
وهو الاقتصاد المحلي الأكثر اعتمادًا على الهيدروكربونات التي تمثل 90 في المئة من صادراتها وتساهم بنسبة 40 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، بينما إمارة دبي التي تواجه استنزافًا أسرع لاحتياطاتها بدأت في التنويع قبل الأوان. حتى في المملكة العربية السعودية، التي تزيد الاستثمار في قطاعات جديدة- بما في ذلك القهوة- ما تزال ميزانية الدولة تعتمد بنسبة 80 في المئة على عائدات النفط.
منافسة قاتلة
كما قالت لوموند إن هناك مأزقا آخر يتمثل في كون بعض “الأنظمة النفطية” تنخرط أحيانًا في منافسة قاتلة في نفس قطاعات النشاط. فمثلا، كشفت المملكة العربية السعودية عن عزمها ضخ 100 مليار دولار في قطاع الطيران بحلول عام 2030، لإطلاق شركة طيران وطنية جديدة وإنشاء “مطار ضخم” جديد بالقرب من عاصمتها الرياض، في حين أن العديد من الشركات في الدول المجاورة، من الإمارات إلى الخطوط الجوية القطرية مرورا بـ"فلاي دبي"، تُكافح بالفعل للاستحواذ على حصتها في السوق.
وأضافت لوموند أن المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة تخوضان أيضًا معركة مريرة لجذب أكبر بطولات الغولف، وإنفاق مئات الملايين من الدولارات على بناء الملاعب، مع الرغبة في جذب كبار المديرين التنفيذيين للشركات متعددة الجنسيات. حتى أن الرياض هددت بعدم توقيع عقود بعد الآن مع أولئك الذين لم ينشئوا مقارهم الإقليمية في البلاد بحلول عام 2024.