بدأت المؤشرات السياسية في إسبانيا تشير الى احتمال كبير بتشكيل الحزب الاشتراكي الحكومة المقبلة على حساب الحزب الشعبي، الذي فاز بالانتخابات، ولكن دون حظوظ للحصول على أغلبية مطلقة، بسبب رفض باقي الأحزاب التحالف معه.
وشهدت إسبانيا في 23 يوليو الماضي انتخابات تشريعية مبكرة، جاءت نتيجة فقدان الحزب الاشتراكي الانتخابات البلدية التي جرت نهاية مايو الماضي، وحصل فيها الحزب الشعبي المحافظ المتزعم للمعارضة على غالبية رئاسة البلديات وحكومات الحكم الذاتي.
وعمليا، فاز الحزب الشعبي المحافظ بالمركز الأول، غير أنه ورغم دعم اليمين القومي المتطرف وهو حزب فوكس إلا أنه مازال يحتاج الى ستة مقاعد لتحقيق الأغلبية المطلقة بهدف تشكيل الائتلاف الحكومي اليميني المقبل. وبعد مرور أكثر من أسبوع، تبين صعوبة حصول الحزب الشعبي على دعم أحزاب أخرى لاستكمال النصاب القانوني من أجل تشكيل الحكومة.
وأعلنت الأحزاب القومية بشقيها اليميني واليساري في كل من إقليمي بلد الباسك وكتالونيا عدم تأييدها لحكومة الحزب الشعبي بزعامة نونييث فيخو بسبب مواقفه السياسية الرافضة لمطالب الحركات القومية الإقليمية، ثم بسبب فرضية دخول حزب فوكس المتطرف اليميني الى الحكومة. ورغم كل هذا، يعلن زعيم الحزب الشعبي الحق في محاولة تشكيل الحكومة لأنه الفائز في الانتخابات رغم عدم حصوله على الأغلبية المطلقة.
أعلنت الأحزاب القومية بشقيها اليميني واليساري عدم تأييدها لحكومة الحزب الشعبي بزعامة نونييث فيخو بسبب مواقفه السياسية الرافضة لمطالب الحركات القومية الإقليمية
وأعلن رئيس الحكومة المؤقت بيدرو سانشيز، الإثنين، رغبته بتشكيل الحكومة، وذلك بمبرر أنه رفقة عدد من الأحزاب لديه “الأغلبية الاجتماعية”، بمعنى أغلبية الأصوات المعبر عنها في هذه الانتخابات من طرف الناخبين.
وتميل الأحزاب القومية في بلد الباسك وكتالونيا إلى دعم حكومة ائتلاف يساري مكونة من الحزب الاشتراكي ومن حزب سومار اليساري. ويبقى تشكيل الحكومة في يد حزب “جميعا من أجل كتالونيا”، وهو حزب كتالاني يدعو إلى انفصال كتالونيا عن إسبانيا، وزعيمه كارلس بويغدمونت لجأ إلى بلجيكا بسبب استفتاء تقرير المصير، الذي نظمه سنة 2017 للانفصال عن إسبانيا، وكان وقتها رئيسا للحكومة الكتالانية ذات الحكم الذاتي. ولدى الحزب ستة مقاعد في البرلمان، وهي التي يحتاجها الحزب الشعبي لاستكمال الأغلبية المطلقة رفقة فوكس، كذلك يحتاجها الحزب الاشتراكي لاستكمال الأغلبية المطلقة رفقة باقي حلفائه.
وتحمل التطورات السياسية التي أعقبت انتخابات 23 يوليو احتمالا كبيرا كي يشكل الحزب الاشتراكي ائتلافا حكوميا للاستمرار في السلطة، وبذلك سيتم نهائيا قبر ذلك التقليد الذي كان يتجلى في تولي الحزب الفائز في الانتخابات تشكيل الحكومة. ويعتبر هذا التطور عاديا للغاية بعدما شهدت إسبانيا نهاية القطبية الحزبية التي سادت لعقود بين الحزب الاشتراكي والحزب الشعبي.
في الوقت ذاته، تشير هذه التطورات الى احتمال كبير لعدم تشكيل الحزب الشعبي الحكومة رفقة حليفه حزب فوكس، وهذا يعني عدم وصول اليمين المتطرف الى السلطة في إسبانيا ولو من باب التحالف الحكومي. وبهذا، ستكون إسبانيا من الدول القليلة في أوروبا مثل البرتغال وفرنسا التي لم تشهد وصول اليمين المتطرف الى السلطة ولو من باب التحالفات.