يبدو أن المسافة بين الأرض والقمر كانت تبلغ 60 ألف كيلومتر تقريباً منذ نحو 2.5 مليار سنة مضت، وفق دراسة جديدة تؤكد أن القمر كان يتحرك مبتعداً عن كوكبنا ببطء خلال تلك الفترة.
وأشارت الدراسة التي نشرت، أخيراً، في مجلة "بناس" PNAS ("وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم") إلى أن المسافة بين كوكبنا والقمر بلغت قبل نحو 2.46 مليار سنة مضت نحو 321.800 كيلومتر في حين أنها حالياً 384.400 كيلومتر، وكان طول اليوم نحو 16.9 ساعة بدلاً من 24 ساعة.
يقول باحثون، بعضهم من "جامعة أوتريخت" في هولندا، إن هذه النتائج توسع نطاق فهمنا للديناميكيات المبكرة للأرض والقمر قبل ما يربو على مليار سنة.
في الدراسة، حلل العلماء طبقات ضاربة في القدم من صخور في "متنزه كاريجيني الوطني" في غرب أستراليا التي تتمتع بجوانب حادة مذهلة وتشتمل على رواسب عمرها 2.5 مليار سنة.
ويوضح الباحثون أن الرواسب تتكون من أقسام متميزة بعضها عن بعض من الحديد والمعادن الغنية بالسيليكا (أو ثنائي أكسيد السيليكون)، وتحتوي على طبقات متتالية من الألوان من الأبيض والأحمر والرمادي المزرق، التي كانت ذات يوم مترسبة على نطاق واسع في قاع المحيط.
ويقول العلماء، إن هذه الصخور تشكل الآن أقدم أجزاء من القشرة الأرضية.
كانت دراسات سابقة أشارت إلى أن هذه الأنساق المتناوبة المتميزة مرتبطة بتغيرات سابقة شهدها مناخ الكوكب ناجمة عما يسمى "دورات ميلانكوفيتش" Milankovitch cycles (نسبة إلى العالم ميلانكوفيتش الذي فسر آلية التغيرات المناخية هذه).
إنها دورات مناخية مرتبطة باتجاه محور دوران الأرض والطبيعة الإهليلجية لمدارها- علماً أن هاتين الميزتين تتحكمان في توزيع ضوء الشمس الذي يصل إلى الأرض على مدى فترات زمنية طويلة.
حالياً، تتغير الفترات السائدة لـ"دورات ميلانكوفيتش" كل 400 ألف عام، و100 ألف عام، و41 ألف عام، و21 ألف عام. ويقول العلماء إن هذه التغيرات تترك تأثيراً قوياً على مناخ الكوكب على فترات طويلة، بما في ذلك سنوات من البرودة أو الدفء الشديدين أو ظروف أكثر من الرطوبة أو الجفاف.
تنشأ إحدى "دورات ميلانكوفيتش" التي تسمى "دورة السبق المناخية" من اهتزاز الأرض أثناء دورانها حول محورها عبر الوقت، وتستغرق هذه الدورة حالياً نحو 21 ألف سنة.
ولكن الباحثين يقولون، إن هذه الفترة كانت أقصر في الماضي عندما كان القمر أقرب إلى الأرض.
كذلك يشير تحليل تكوينات الطبقات المعدنية الغابرة في القدم في أستراليا إلى دورة مدتها 11 ألف عام منذ نحو 2.5 مليار سنة مرتبطة بـ"دورة السبق المناخية"، وهي فترة أقصر كثيراً من التردد الحالي البالغ 21 ألف سنة.
بناء على هذه النتائج. يقول الباحثون إن القمر كان بالتأكيد أقرب إلى كوكبنا، ما يؤكد أنه ينجرف ببطء بعيداً عنه.
"وجدنا أن القمر كان أقرب إلى الأرض بنحو 60 ألف كيلو متر آنذاك. من شأن هذه الحقيقة أن تجعل طول اليوم أقصر بأشواط مما هو عليه الآن، نحو 17 ساعة بدلاً من 24 ساعة حالياً"، كتب العلماء في "ذا كونفرزيشن" The Conversation.
ويعتقد الباحثون أن النتائج هذه توفر مرجعاً جديداً في ما يتصل بنمذجة تطور نظام الأرض والقمر.